Tuesday 28 August 2012

اسلام الفاروق.. في القرن ال٢١

اسلام الفاروق.. في القرن ال٢١

بعد الانتهاء من الصلاة ، لمحت رجلا أمريكيا في كرسي إعاقة يدفعه صديقه الى مقهى المسجد. ذهبت فوجدته جالسا مع صديقي يحيى العراقي و يحيى هو مثال للإنسانية و العمل التطوعي. فهو يأتي قبل الافطار لكي يتطوع يوميا في خدمة المصلين و غيرهم..

فجلست معهم و بعد السوالف عن السيارات و السفر و الخ... سألناه عن قصة إسلامه فوضع كاس شاي الكرك على الطاولة و كان الكأس يهتز بشدة فيتطاير الكرك منه قليلا و ذلك بسبب مرضه الذي اكتشفنا لاحقا انه مرض من الولادة!
فبدا يروي قصته بلسانٍ قد أثر عليه المرض أيضا فتخرج الحروف متلعثمة... 

"كان ابي مسيحيا كاثوليكياو كان يريد لنا ان نصبح متدينين فأرسلنا الى افضل المدارس الداخلية الكاثوليكية.
تعلمت فيها الكثير.. و القليل!!
 و كنت اعشق القراءة و خصوصا الامور العالمية فمهما كان مرضي صعبا يمنعني من رؤية العالم كنت مصمما على ان ازور العالم و لو بعقلي..

و في احد الصفوف تعلمنا عن الأديان الاخرى و كان المدرس و هو قسيسا يقصص لنا عن الاسلام قائلا:
 "محمدا دعا قومه بترك عبادة الأصنام و ذلك خير ما فعل... لكنه أمرهم بعبادة القمر!!!"
  و كنت و مازلت طليق اللسان, لا أرضى بالخطأ, فرفعت يدي و قلت "سيدي ان كلامك خطا!" 
كنت في الصف السابع  حينها و تلك كانت حالتي دائماً احب النقاش و القراءة."

ضحك و أخذ رشفة مرتجفة من شاي الكرك... و من ثم استطرد...

كنت أعلم القليل عن المسلمين و كنت أعلم أنهم لا يعبدون القمر!! فرددت على المدرس: 

"المسلمون يعبدون الله!! هل قرأت هذا القرآن؟" 
أجابني غاضبا "اصمت أنا المدرس و لن اقرأ هذا الكتاب الشيطاني"
فأجبته " و كيف حكمت على كتابا لم تعرف محتواه..و كيف أسميته شيطانيا و هو يسب الشيطان؟ فلو أن الشيطان كتبه لما سب نفسه" 

فطردني يومها من الصف و كانت هذه بداية قصتي مع البحث عن الحقيقة... فكنت على صراع دائم مع المدرسة, وكان أبي يأبى خروجي منها!!
 فعدت للمنزل و قلت لابي اريد ان اقرأ القران فقال لي ببساطة: "ان رأيتك تقرا هذا الكتاب فلاني أبوك و لا اعرفك و انت مطرود من بيتي" 
فقلت لنفسي لا يحوشك. 

طبعا لم يقل لا يحوشك لكنه أيضا لا يتكلم العربية.. و لذلك لا يحوشك كان اقرب الترجمة للانجليزي اللي كان يقوله. 

و في يوما من الايام و أنا أسوق كرسي الإعاقة الالكتروني في شوارع بوسطن سمعت صوت غريبا من امرأة فذهبت فوجدت بنتا من عمري تقرا كتابا فقلت لها:     ماذا تفعلين 
فقالت:       اقرأ كتاب الله
 فقلت:       هل لك ان اعلميني فاني ممنوع من تعلمه في البيت.
فوافقت و أصبحت أزورهم يوميا في وقت الغداء في مطعم أبوها و نجلس و تعلمني القرآن و الاسلام.. لمدة ٦ اشهر!! 

و في يوم من الأيام... قرر أخي أن يسب المسلمين نع أخي الثاني و صاروا يتشاجرون و يقولون عن الاسلام ما لا يعلمون .. فرددت عليهم قائلا
كلكم خطأ و ما تعرفوت شالطبخة عن الاسلام..!! 
فشرحت لهم الاسلام.. و لكن مرور أبي قطع شرحي..
و قال لي: من أين لك هذا... العلم؟ هل من صديقتك المسلمة!؟؟ من اليوم و صاعدا ممنوع عليكم اللقاء... فاهم؟؟؟
فحزنت حزنا شديدا و لكني أطعت أبي فذهبت لاحقا للبنت معتذرا و قلت لها ما جرى فأعطتني ٣ كتب من خط يدها و كان في هذه الكتب تلخيص ما شرحته لي في خلال ال6 أشهر الماضية...

الالحاد و البوذية: 

مرت السنون,, و في الثانوية: كنت دائما أحب دوائر النقاش و المناقشات. و في احدى الدوائر كنا نناقش وجود الله. فكنا نصرخ عاليا في نقاشا و كنا مستمتعين بذلك جدا!!  
و فجأة دخلت بنت في دائرة نقاشنا صارخت
اً
"كلكم خطأ... الله موجود لكن تعريفكم ل الله هو الخطأ"
سألناها ما التعريف فقالت أنا مشغولة مو وقت أقولكم و ذهبت!

حاولت كثيرا أن "أصيدها" بالمدرسة لكن "ما قدرت". و كانت هذه مشكلتي.
 و مرت السنون...
أعتنقت البوذية Zen  عن طريق جندي أمريكي ياباني علمني كل ما يعرفه عن البوذية و كان هو أصلا كاهنا في لباس البوذا الشهير! 
و علمني الى درجة أنني أصبحت كاهنا بوذيا ألبس الأصفر و الأحمر.. حليق الشعر. متحلي بالأخلاق العالية!

 الى ان جاء ذلك اليوم... كنت واقفا أنتظر الباص و كان المطر يغرقني.. و كنت لا املك المال لركوب الباص اصلا!! و كنت مبللا بشدة و فقلت في نفسى...
"أذا كنت يا ربي موجودا... انصرني و ساعدني, و أرني علامة.. فإن لم ترني! فإنني سوف أكفر بك!"

و انتظرت... و تبللت... و ازداد غضبي! ففجأة جاءت البنت التي في الثانوية! فوقفت بجانبي و ألقت السلام و بدأنا بالحديث تحت المطر.. و مر العديد من الباصات فتعجبت: 
"هل ستركب احدى الباصات؟ كلهم مروا و انت قاعد؟" 
و في البوذية محرم طلب المساعدة من أحد! فرددت: "انني مستمتع بالوقوف في المطر"
ففطنت البنت مشكلتي و أعطتني المال لشراء التذكرة. 

البنت و الاسلام: 

علمتني لاحقا هذه البنت الاسلام. و كنت دائما أناقشها و تقنعني. و كنت أذهب سرا الى المسجد و أتعلم لكي أرجع و أقول لها اشياء عن دينها ..! 
و كنت معجبا بالاسلام!! 
في يوم من الايام.. 
سألتني "ماذا تريد ان تفعل في حياتك؟"
فقلت "أريد السفر بعيدا!! و أن أرى العالم. "
فقالت لي " أنا كذلك. لو أنك من محارمي لذهبت معك. و لن تكون من محارمي لأنني محرما علي الزواج من غير المسلمين"
فرديت عليها " و من قال لك أني لست مسلما؟ أنا اذهب للمسجد أكثر منك. و انني لم أراك الاسبوع الماضي في مسجد كذا و كذا" 
فردت " كيف لك ان تعرف!! حرااااااااااااام أنك تطل على الحريم يا ولد" 
قضحكت على شطانتي و قلت بعيارة "لم أطل .. لكني ما أعرف احد الا انت. فكنت ابحث عنك" 

فقالت لي: هل اعلنت اسلامك؟

فوجب علي أن اعلن اسلامي. فذهبت الى المسجد و اعلنت اسلامي و كان يوما سحريا! لن يعرفه من ولد مسلما!
و بعد ذلك تزوجت البنت التي هي اصلا من اصول باكستانية. 

غيرت أسمي الى الفاروق. بعد قراءة  سيرة عمر. فهو فرق بين الحق و الباطل.. و احب أن اعتقد أنني مررت بما يشابه تجربته. 

وضع كأس الكرك المرتجف على الطاولة. فهو بالفعل فاروقا...فمع أنه معاقا جسديا لكنه فرق بين الحق و الباطل أكثر من الكثير من الصاحين..

No comments:

Post a Comment